ولما ان اشرق الوجود بهذا النور بعد ما استكملت امه الكريمة تلك الشهور تراءي من العجائب النبوية ما يشرح الصدور ويويورد افءدة اهل الايمان محاسن السرور ويقضي لجميع الامه بالبشري ونيل المرام وكيف لا وقد حدثت امه الكريمه انه اخذها ما ياخذ النساء وهيه وحيده وعبد المطلب لا يعلم بها لانه كان اذ ذاك يطوف بالكعبة السعيده فسمعت وجبة وامر شديدا هالها كان جناح طائر ابيض قد مسح علي فؤادها فعادت حميدهثم التفتت فاذا شربة احلي من العسل فتناولتها فاضاء منها نورها في الظلام ثم رات نسوة احطن بها طوالا كانهن من بنات عبد مناففصارت تتعجب كيف علمن بها في ذلك الوقت والامر خاف فاخبرنها انهن اسية ومريم وجماعة من الحور الظراف فاشتد بها الامر وهيه تسمع الوجبة في كل ساعة اهول مما تقدم في الوصاف فاذا هي بعلم من سندس علي قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والاراص للاجلال والاعظام ورات رجالا وقوفوا في الهواء فسبحان القادرر الاكبر بايديهم اتباريق منفضة واناء يرشح منه عرق اطيب من ريح المسك الاذفر وهي تقول ياليت عبد المطلب قد دخل علي كاهنا تريد ان ينظر هذا المنظر ورات قطعة من الطير غطت حجرتها مناقيرها من الزمرد واجنحتها من الياقوت الانضر فكشف الله عن بصرها فابصرت تلك الساعة مشارق الارض ومغاربها بلا اكتتام ورات ثلاثة اعلام مضروبات علما بالمشرق وعلما بالمغرب وعلما علي ظهر البيت الحرام ذي الايات فاخذها المخاض وكانها مستندة الي نسوة حاضرات وكثرن عليها حتي كانهن لسن غريبات فحينئذ ولدته علي افضل الصلاة والسلام
نبي الهدي اهلا وسهلا ومرحبا قدمت فاقدمت السرور الي الربا
وجددت في كل القلوب مسرة وطيبك اضحي للوجود مطيبا
عليك صلاة الله ثم سلامه والك والاصحاب ما سرت الصبا
وقد جرت الاعدة حين ذكر مولده صلي الله عليه وسلام بقيم الناس وهو من اجل المبتدعات المستحسنه فيستحب لما فيه من تعظيمه واظهار الفرح بيه والسرور واليناس بل افتي بعض الحنفية بكفر من يتركه حين يقوم الجلاس وذلك لانه يشعر بضد تعظيمه ومنافاة الفرح به بلا الباس ولعمري ان لم يقم لقدومه ولو عند ذكر مولده فلمن يقام؟! هذا ولما ولدته نظرت اليه فاذا هو ساجد اشارة الي قربه وعبوديته قد رفع اصبعيه الي السماء كالمتضرع المبتهل في حاجته ثم رات سحابة بيضاء غشيته فغيب عن وجهها برهه وناهيك ببرهته فسمعت قاءلا يقول طوفوا بمحمد مشرق الارض ومغربها وادخلوه الي البحار كلها ليعرفه جميع من فيها باسمه ونعته وصورته ويعرفوا بركته وانه يسمي فيها الماحي فلا يبقي شئ من الشرك الا محاه بدين الاسلام ثم انجلت تلك السحابة عنه في اسرع زمن فذا هو مدرج في ثوب صوفا اشد بياضا من اللبن وتحته حريرة خضراء قد فرشت لشريف ذلك البدن وقد قبض علي ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الابيض الرطب الحسن وهي مفتح النصر ومفتاح الذكر ومفتاح النبوه كما وقع النداء به والاعلام
ثم رات سحابة اعظم من الاول في الحجم واوفي في الجمال سمعت فيها صهيل الخيل وخفقان الاجنحه وكلام الرجال فغشيته فغيب عنها ان اتطول من الاولي فيا لحجم واوفي في الكمال ونودي ان يطاف به جميع الاراضين وعلي موالد النبيين وان يعرض علي كل روحاني من عبد زي الجلال وان يعطي محاسن النبيين وان يغمس في اخلاقهم الكرام ثم انجبت تلك السحابة عنه في اسرع حين واذا به قد قبض علي حريرة خضراء مطوية طيا شديدا ينبع منها ماء معين اشارة الي انه قبض علي الدنيا فلم يبقي احد الا دخل في قبضته من الطائعين ثم نظرت اليه واذا به كالقمر في اعين الناظرين وريحه يسطع كما يسطع المسك الاظفر بتنتعش المشام والمسام و واذا بثلاثه نفر في يد احدهم من الفضة ابريق وفي يد الثاني طست من زمرد اخضر انيق وفي يد الثالث وهو رضوان خازن الجنه حريرة بيضاء ذات بريق فاخرج منها خاتما وغسل المصطفي صلي الله عليه وسلم من الابريق سبعا وختم بالخاتم بين كتفيه ولفه في الحريرة زيادة في التنميق ثم احتمله فادخله تحت اجنحته ساعه ثم رده الي امه كامل النظام
ووولد صلي الله عليه وسلم نظيفا لا قدر معه بل خرج منه نور اض اء حتي عم البيت والدار بل اضاءت له قصور قصر اللتي ببصري الشام كالنهار بل اضاء له مابين المشرق والمغرب من الاقطار ونظرت فاطمة الثقفيه اللي النجوم تتدلي حتي ظنت وقوعها عليها كما في بعض الاخبار قيل وكانت قابلته اسيه والمشهور النها الشفاء وانه استهل لما نزل علي يدها فشمت فقيل شمتته الملائكة الكرام وولد صلي الله عليه وسلم مكحولا مدهونا مختوما بخاتم النبوه بين كتفيه مقطوع السر وهو الخلاص مختونا كيلا يري احد مابين فخذيه واضعا احدي يديه علي عينيه والاخري علي سواتيه ثم اعتمد علي يديه وركبتيه وهو شاخص الي السماء بعينيه
ثم قبض قبضة منتراب اشارة الي انه يغلب اهل الارض بدين الاسلام ثم هوي ساجدا ثم رفع راسه وسبابتيه الي السماء كالمتضرع الي الرءوف وعجبت امه من ذالك فقارسلت الي جده عبد المطلب وهو يطوف فلما جاءها واخبرته اخذه فجاء به الكعبة وهذا عند المكيين الي الان معتاد عندهم مالوف ثم وضعوه تحت اناء حتي يصبح كما هو معتاد عندهم معروف فانفلق ذلك الاناء عنه ثنتين اذ النور لا يحجبه ظلام
وكان مولده صلي الله عليه وسلم في عام الفيل الذي صده اله عن الحرم علي الشمهور في فصل الربيعالذي هو موسم الرياحين والزهور في شهر ربيع الاول علي الصواب فله به الفخر علي سائر الشهور لليلة منه او ليلتين او سبع او ثمان او تسع او عشرة اوثنتي عشرة علي ما اختارؤه الجمهور اوسبع عشرة اولثماني عشرة او ثمان بقين منه كلا هذين القولين منكور يوم الاثنين بعيدر الفجر كما جمع به بين القولين بعض الاعلام زقد جاء انه لما ولد ذهبت ثويبه فبشرت مولاها ابا لهب بولادته فكافاها بان اعتقها في الحال وامرها برضاعته فلذا كان يخفف عنه في النار بان يسقي ماء من النقره التي بين ابهامه وسبابته واذا كان هذا من صرح القران بمذمته فما ظنك بالمسلم المحتفل بالمولد المحمدي انما يكون جزاءه دار اليسلام والحق انه صلي الله عليه وسلم ولد بالبقاع المكيه بداره المشهوره بسوق الليل اخر شعب العصبة الهاشميه وقيل بدار عم الصفا وقد اشترتها الخيزران ام الرشيد وقيل بل زبيده زوجته فوقفتها واوقعت عليها المسجديه هذا وقد كانت السماء تفتخر علي الارض بما فيها من اللطائف العلويه فلما ولد صلي الله عليه وسلم افتخرت به الارض عليها فكان لها عليها الفخار والاعظام
وارضعه عشرة نسوة نذكرهن علي الترتيب القويم وهن امه صلي الله عليه وسلم ثم ثويبه ثم حليمه السعديه ذات القدر الفخيم ثم امراة سعدية اخري كانت ترضع عمه حمزه ثم العواتك الابكار الثلاثه اللاتي من بني سليم ذوي الحسب الصميم ثم ام فروة المسماة بفاطمة ثم ام ايمن المسماة ببركة الحبشيه ثم خوله بنت المنذر علي قول سقيم ولم ترضعه امراة الا رزقت ببركته الاسلام وكانت حليمه اكثرهن ملا زمة له واشدهن خصوصيه لانه نودي في السماء هذا محمد سيد النبياء طوبه لثدي ارضعه فتنافس قيه غير الانس من البريه فنودي ان كفوا فقد اجري الله ذالك علي ايد السلالة الانسانيه وخص بتلك السعادة وشرف بذلك الشرف حليمة السعديه فبشري لها بشري لها بالسعادة وسمو المقام وكانت تحدث انها خرجت في عشر نسوة يلتمسن الرضعاء علي اتان بيضاء شديدة الضعف والهزال والعناء وكان معها زوجها الحارث وناقة لهما مسنه ما تبض بقطرة من لبن لشدة الاعياء ومعهما صبي لهما اسمه عبد الله لا ينامان ليلهما لملازمته البكاء اذا لم يكن في ثديها ما يغنيه ولا في الناقه مايغذيه حتي ينام فلما قدمت مكة استقبلها عبد المطلب جد السيد السند وسالها فاخبرته بقبيلتها واسمها فقال بخ بخ سعد وحلم فيهما خير الدهر وعز الابدثم ادخلها علي امنه فحيتها وادخلتها البيت الذي فيه المصطفي صلي الله عليه وسلم قد رقد فاذا هو مدرج في ثوب صوف اشد بياضا من البن يفوح منه المسك وتحته حريرة خضراء كما ورد راقد علي قفاه يغط في نومه فهابت ان توقظه لحسنه وجماله البسام
فدنت منه رويدا ووضعت يدها علي صدره فتبسم لها تحية اللقاء ونظر اليها فظهر منه نور دخل خلال السماء فقبلته بين عينيع واعطته ثديها الايمين فاقبل عليه اللبن بما شاء فحولته الي الايسر فابي ثم استمر علي ذلك الاباء اعلمه الله تعالي ان له صلي الله عليه وسلم اخا في الرضاع وعلمه العدل بطريق الالهام ثم لما اروته اروت اخاه ثم اخذته فجاءت به رحلها تريد السفر وقم زوجها فوجد الناقة حافلا فحلبها وشربا وباتوا بخير ليلة كما جاء في الخبر ثم ودعت امه صلي الله عليه وسلم وركبت اتانها واخذت بين يديها سيد البشر فسجدت الاتان نحو الكعبة ثلاثا ورفعت راسها الي السماء كانها تشكر من جبرها وازال عنها الكدر ثم سارلات حتي سبقت الركب فصاروا يتعجبون لما كانوا يعرفونه بها من الهزال والسقام وكانت حليمه تسمعها تنطق نطق العاقلين وتقول بعثني الله بعد موتيورد لي سمني بعد هزالي ومعلوم انه ببركة سيد المرسلين بل سمعتها تقول يا نساء بني سعد علي ظهري خيار النبيين وخير الاولين والاخرين وحبيب ربا لعالمين ثم دخلت به منازل بني سعد ظافرة بالسعادة ونيل المرام
ووجدت في بركته في نفسها واهلها ومالها ما صارت به محسوده وكان عندها يشب في اليوم شباب غيره في الشهر وفي الشهر شباب غيره في السنه حتي بلغ سنتيه وهو بالحسن الحالات المحموده وحينئذ فطمته وقدمت به مع زوجها علي امه مع اضمار الرجوع به لبركته المعهوده فلم تزل بها حتي ردته معهما فرجعت به مسروره مسعوده وكانت الغمامه تظله بعد رجوعه معها في المسير والمقام وبينما هو مع اخيه خلف المنازل السعديه اذ جاءه ملكان فاضجعاه وشقا صدره بالطف كيفيه ثم اخرجا قلبه فشقاه والقيا منه علقا سوداء وغسلاه بثلج في طست ذهبيه ثم ملاه حكمة وايميانا واعاداه علي احسن من حالته الاوليه وكان اخوه قد ذهب فاخبر ابويه فجاءاه فاحتملاه مرفوع المقام ثم خافا ان يسكون قد اصابه ذلك من شيطان وبيل فرجعا به الي امه فسالتهما عن سبب دلك فكتما عنها ذلك الامر الجليل ثم لما تزل بهما حتي اخبراها خبره علي ما فهماه من غير تاويل قالت افتخوفتما عليه اليطان؟ كلا والله ما للشيطان عليه سبيل ثم قالت دعاه والحقا بشانكما فانصرفا بسلام
السبت أبريل 12, 2008 9:21 am
