نحمدك يا من حمده اشرف المبادي ونصلي ونسلم علي حضرت مصطفاك الهادي ونستمطر غيث الرضوان لي اله وصحبه سحب الكرم الغوادي ونستهديك في نثر در المولد المحمدي حتى ينتسق عقده بالانتظام أما بعد فان الله تعالي أراد الله تعالي في سابق الازليه أن يوجد الخليقة ويحدث البرية فابرز قبل كل شي نور الحقيقة المحمدية ف ثم خلق منها الخلائق كلها علويتا وسفلية فالكل مستمدا من بدر نور وجهه التمام ثم لما صور الله أدام طينا أدرج الروح المحمدية مع سائر الأرواح فيه حينا ثم استخرجها وحدها فنبأها واخذ منها الميثاق باعتقاد الربو بنيه دبنا ثم استخرجها ثانيا يوم الست بربكم فكان صلي الله عليه وسلم أول من قال بلا يقينا فهو مختصا باستخراجه من أدام مرتين دون سائر الأنام
وكان النور المحمدي يتلئلؤ في ظهر أدام كالكوكب الوضاء وكانت الملائكة تقف خلفه صفوفا ينظرونا ألي حسن ذالك الليلاء فقال يا رب ما بال الملائكة ينظرون ألي ظهري قال ينظرون ألي نور محمدا خاتم الأنبياء فسأله أن يجعله أمامه لتستقبله الملائكة السعداء فنقله في وجهه فلمع في جبينه فاستقبلته الملائكة الكرام قال يا رب اجعله في موضعا أراه فنقله في سبابة يمناه قال رب هل بقي من هذا النور شئ فاخبره انه بقي نور أخصاه فسأله أن يجعله في بقيت أصابعه ليزدهر بها ثناء فجعل نور أبي بكرفي الوسطى ونور عمر في البنصر ونور عثمان في الخنصر ونور علي في الإبهام وأكرم الله تعالي أدام بمزيد قربه ونعيم جنته وكان ذلك النور يتقلب معه في نعمه الله ومنته فلما ظهر القدر المحتوم بأكل أدام من شجرت حنطته وقيل بل لما مارس أعمال الأرض انتقل ذالك النور ألي ظهره فكان يلمع في جبهته ألي أن انتقل ألي حواء فأضاء بها عليه السلام
وكانت تضع في كل بطن غلاما وجاريه ووضعت (شيثا) وحده علي خلاف عادتها الجارية أشارت ألا انه انفرد بالفضل فورث الجوهرة المحمدية السامة وأوصاه أدام أن لا يضعه من النساء إلا في مطهرة ذاكية ثم استمرت هذه الوصية جاريه والنور يظهر في جباه جميع أبائه الفخام ثم لم يزل الله تعالي ينقله من الأصلاب الطيب ألا الأرحام الطاهرة مصفي مهذبا مشمولا بالعناية الظاهرة لا تتشعب شعبتان إلا كان في خيرهما في المفاخر العالية والمعاني الفاخرة فطره الله أبائه وأمهاته من سفاح الجاهلية ومقابحه الغابرة ثم الحق أن جميع أصوله مؤمنوه مخلدون في الجنة علي الدوام ولما أراد الله تعالي أن يبرزه ألي الوجود أمر جبريل أن يأتيه بقبضه من تراب قبره مقر العفاف والجود فهبط في ملائكة الفردوس وملائكة الرفيق الاعلي زيادة في العناية وإكمال السعود فقبضها بيضاء منيرة فعجنت بماء التسنيم وغمست في معين انهار الجنة دار الخلود حتى صارت كالدرة البيضاء لها شعاع عظيما لا يسامي ولا يسام ثم طافت بها الملائكة حول العرش والكرسي والسموات والأرض والجبال والبحار حتى عرفتها الملائكة وجميع الخلق قبل أن تعرف أدام بلا إنكار ثم ادخرت إلا أن أذن الله تعالي لأبيه السيد عبد الله أن يتزوج أمه السيدة أمنه ذات السكينة والوقار فحين حان حملها منه بحضرة المصطفي المجتبي المنتقي المختار مزجت تلك القبضة بمائه وأنزلت في رحميها فحملت به عليه أفضل الصلاة والسلام
وبرز الأمر الإلهي تلك ألليله أن يفتح رضوان باب الفردوس العلية وان ينادي مناد في عوالم الملكوت ومعالم الملك البهية بان النور المكنونه يستقر ألليه في بطن آمنه الزهرية بل نطقت بذالك تلك الليلة كل دابة قرشيه فأفصحت انه صلي الله عليه وسلم قد حمل به وانه لأهل الدنيا سراج وأمان وإمام ورن إبليس علي جبل أبي قبيس فشكي لشياطينه عبوسه وبوسه وأصبحت يومئذ أصنام الدنيا وأسرة الملوك منكوسه وأصبح كل ملك اخرس لا ينطق يومه ذالك فألسنتهم معقودة محبوسة ولم يبق كاهنة إلا حجبت عن صاحبها فصارت معالم علم الكاهنة مطموسة وجاء الخير من كل جانب واخضرت الأرض وحملت الأشجار وعم الإنعام
ومرت الوحوش المشرقية إلي الوحوش المغربية بالبشارة وكذا بشر أهل البحار بعضهم بعضا فعمت المسرات وان ليه في كل شهر من شهور حمله نداء في الأرض ونداء في السماء أن ابشروا فقد أن آن يظهر أبو القاسم ميمونا مباركا فما اجلها من كرمات قيل وأذن الله تعالي لنساء الدنيا أن يحملن تلك السنة ذكورا كرامه له من ذي الجلال والإكرام وأما أمه ألكرمه فلم تشعر بحمله ولم تجد له وحما كما تجد الحوامل وانخرقت لها العادة كما قيل لم تجد له ثقلا في أواخر الحمل ووجدتها في الأوائل وتاها آت فاخبرها أنها حملت بخير العالمين وسيد الأنام الكامل وأمرها أن تسميه محمدا ون تكتم سرها إذ بالكتمان تتم المقاصد و والوسائل ورأت حين حملت به انه خرج منها نور أضاءت له قصور بصري من ارض الشام ولما تم لها من حملها شهران توفي السيد عبد الله أبوه ولا يوصف في غير مقام التعليم بأنه يتيم فان العلماء لم يجيزوه بل أباح المالكية دم واصفه وأهدروه لمل في ذالك من التحقير مع أن الله تعالي عظمه وكفله وكفاه كل سوء ومكروه وهذا وقد كانت مدة الحمل به تسعة أشهر علي الأصح عند العلماء الإعلام
وقد ظهرت ليله ولادته عجائب تليق بسامي جلالته ففيها فتحت أبواب السموات وأبواب الجنات كلها ابتهاجا بسطوع أنوار غرته وفيها اهتزت الكعبة ثم لم تسكن ثلاثة أيام ولياليهن طربا بقدوم طلعته وفيها تنكست الأصنام وسقطت علي وجهها ذلا بعز شريعته وفيها توالت بشري الهواتف بظهوره لهداية الأنام وفيها رن إبليس ورميت الشياطين بشهب النيران وفيها فاض وادي السماوة وارتج وار تجس ايوان كسري انوشروان وسقط من أعلاه أربع عشرة شرفه وذالك باق إلي الآن وفيها غاضت بحيرة ساوة فأصبحت يابسة يشكو لسان حالها الظمأ إلي كل ظمأن وفيها خمدت نار الفرس التي كانوا يعبدونها ولم تخمد قبل ذلك بألفي عام
انتظر الباقيه